محمود عثمان

مساحة حرة

إلى ابنتي

4 تموز 2022

02 : 00

كنتُ في غاية السرور والشغف، عندما اصطحبتكِ بسيارتي إلى مركز الامتحان، بالرغم من جنون الطقس وشدة المطر. وأمام المركز، ترجّلتُ من وراء المقود، وفتحتُ لك الباب بيدٍ وأنا أحمل المظلةَ بيد، كي لا يبلّلَ الماءُ ثوبَكِ النقي، ولا يلمسَ الخوفُ قلبَكِ الطري. ودخلتُ معكِ إلى حرم المكان، حيث تركتكِ تثرثرين وتضحكين مع رفاق الصفّ. وقبيل موعد الانصراف بنصف ساعة ، كنتُ أنتظركِ هناك ، وأنا شارد الذهن في الماضي البعيد، أرى أمامي ذلك الفتى الذي كنتُ، وهو ذاهبٌ وحيداً إلى مركز الامتحان، غير حافل بحرّ الصيف أو قرّ الشتاء. وقد عبر سُورَ المدرسة من دون أن يلتفتَ إلى الوراء، أو يصغي إلى أهازيج التلاميذ وضجيجهم. فقد تعوّد أن يكون مكافحاً بصمت. وله من الكبرياء ما يمنعه من إبداء ضعف أو حسرة. ومن عاداته النبيلة أن يمسح دموعه في الخفاء.

ربما الآن، يا ابنتي، تدركين سِرّ حرصي على مرافقتك، ومدى فرحي.


MISS 3