الأسد يرفض أيّ طرح انفصالي ويؤيّد تعديل الدستور

روسيا "تضع يدها" على "ثكنة" أميركيّة ثانية في سوريا

12 : 22

"الخوذ البيضاء" تُسعف طفلاً انتُشل من تحت ركام خلّفته غارة روسيّة على البارة (أ ف ب)

في سياسة مواصلة "وضع اليد" على "ثكنات أميركا" السابقة في سوريا، أعلنت الشرطة العسكريّة الروسيّة أمس، إحكامها السيطرة على قاعدة جوّية في منطقة متراس في ريف مدينة كوباني شمالاً، انسحبت منها أخيراً القوّات الأميركيّة، لتكون ثاني قاعدة عسكريّة أميركيّة سابقة "تحصدها" موسكو خلال يومَيْن. بالتوازي، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن ثقته بحليفته الأوراسيّة، وأكد أهمّية "توحّد مواطنيه مع الدولة التي تحتضن الجميع"، رافضاً أيّ طرح انفصالي، مقابل تأييده إجراء تعديل على الدستور "بحسب المعطيات الجديدة الموجودة" في البلاد.

ونقلت وكالة "نوفوستي" عن مسؤول يتولّى منصب كبير المفتّشين في الشرطة العسكريّة الروسيّة، تأكيده أنّ وحدته شرعت في حماية مطار صرين والقاعدة العسكريّة التي أقامتها القوّات الأميركيّة قرب مدرجه، من خلال تسيير دوريّات على طول حدود الموقع، ونشر قوّات في المواقع الخاصة بإطلاق النار.

وأشار الضابط إلى أن خبراء الألغام الروس يبحثون حاليّاً عن متفجّرات وعبوات ناسفة ربّما خلّفها "أصحاب القاعدة السابقون"، في إشارة إلى الولايات المتّحدة التي سحبت قوّاتها الأربعاء الماضي على وجه السرعة، من المطار الذي كانت تستخدمه لإمداد قواعدها في سوريا وإدخال المساعدات العسكريّة إلى حلفائها المحلّيين. وبادر سلاح الجوّ الروسي إلى نشر مروحيّات في المطار "لمنع الأميركيين من تخريب مدرجه"، كما سبق أن فعلوا في مواقع أخرى، بالتزامن مع نشر قوّات للشرطة العسكريّة الروسيّة على الأرض في الموقع. وأشارت الوكالة الروسيّة إلى أن القوّات الأميركيّة تركت في المطار بنى تحتيّة تؤكّد أنّها كانت تُخطّط للبقاء في الموقع لفترة طويلة، بما فيها مرافق خاصة بالسكن مزوّدة بمكيّفات الهواء ومولّدات طاقة عاملة ذاتيّاً، وحتّى صالة رياضيّة.

من جهته، أكد رئيس مركز المصالحة الروسي بين الأطراف المتحاربة في سوريا، سيرغي جمورين، للصحافيين، أن القوّات الروسيّة شرعت أمس في إقامة فرع للمركز في بلدة متراس، سيعمل على المهام المتعلّقة بالعودة إلى الحياة الطبيعيّة، ومن المقرّر أن ينطلق توزيع المساعدات على سكان المنطقة قريباً.

وانسحبت الولايات المتحدة من قواعدها في شمال شرقي سوريا نتيجة لقرار رئيسها دونالد ترامب مراجعة استراتيجيّة بلاده هناك، والتركيز على "حماية" حقول النفط، مع النأي بالنفس عن الصراع بين تركيا والمقاتلين الأكراد الموالين للولايات المتّحدة.

وفي 22 تشرين الأوّل الماضي، وقّعت روسيا وتركيا على اتفاق أتاح وقف الهجوم الذي شنّته أنقرة والفصائل المسلّحة الموالية لها على مقاتلي "قسد"، التي تضمّ وحدات كرديّة وسريانيّة وعربيّة، في شرق الفرات، ويقضي هذا الاتفاق بانسحاب "قسد" من الشريط الحدودي وتسيير روسيا وتركيا دوريّات مشتركة في المنطقة لضمان أمن الحدود، ويجري تطبيقه بنجاح نسبي.

وفي هذا الإطار، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن "دمشق تُقيّم إيجابياً الاتفاق الروسي - التركي، ليس انطلاقاً من الثقة بالطرف التركي، بل لأنّ دخول روسيا على الموضوع يؤدّي دوراً إيجابياً في سحب الذريعة الكرديّة لتهيئة الوضع في اتجاه الانسحاب التركي". وقال الأسد خلال مقابلة أجراها مع قناة "روسيا 24" ووكالة "روسيا سيغودنيا"، إنّ "الإرهاب لا حدود له"، مكرّراً قناعته المفترَضة بأنّ "داعش أتى بإرادة أميركيّة، وقام بنشاطاته بغطاء أميركي"، معتبراً أن "أميركا كانت تُحرّكه مباشرة كأداة عسكريّة لضرب الجيش السوري وتشتيت القوى العسكريّة التي تُقاتل الإرهاب، وفي مقدّمها جيشنا".

وأعرب الأسد عن اعتقاده بأنّه "بعد تسع سنوات حرب، فَهِمَ معظم الناس أهمّية التوحد مع الدولة بغض النظر عن الخلافات السياسيّة، والدولة في كلّ العالم هي التي تحتضن الجميع"، مضيفاً: "نحن لن نُوافق لا اليوم ولا غداً، لا كدولة ولا كشعب، على أيّ طرح انفصالي". وتابع أن "لجنة الدستور تُناقش الدستور، وبالنسبة إلينا، الدستور كأيّ نصّ لا بدّ من درسه وتعديله من وقت إلى آخر، بحسب المعطيات الجديدة الموجودة في سوريا، فهو ليس نصاً مقدّساً".

ميدانيّاً، قصفت مقاتلات روسيّة كلاً من بلدات أرينبة وأم الخلاخيل وكفرومة وحاس وحزارين في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، فيما شهدت الأجواء غياب طائرات النظام الحربيّة والمروحيّة. وشهدت بلدة البارة في محافظة إدلب، "مجزرة"، أدّت إلى مقتل 5 بينهم 3 أطفال أشقّاء. ووثّق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" مقتل عنصر من قوّات النظام قنصاً على يد الفصائل الجهاديّة، على محور الحاكورة في سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، حيث تدور اشتباكات وقصف متبادل على ذلك المحور. إلى ذلك، أعلنت تركيا أمس أنها رحّلت قرابة 50 ألف لاجئ، بينهم أكثر من ستة آلاف سوري، من اسطنبول، منذ إطلاقها حملة ضدّ الهجرة غير الشرعيّة بين تموز وتشرين الأوّل. وتستقبل تركيا 3.6 ملايين لاجئ سوري، أيّ أكثر مما تستقبله أيّ دولة أخرى، هم من الناحية التقنيّة تحت "الحماية الموَقتة"، لأنّ الحكومة لا تمنحهم وضع لاجئ رسميّاً.


MISS 3