د. ميشال الشماعي

ثورة لبنان مستمرّة

1 شباط 2020

02 : 00

أمام مجلس النواب (فضل عيتاني)

ورد في كتاب " أقدّم لك عصر التّنوير" للمؤلّفين " ليود سبنسر وأندرزيجي كروز" الصادر عن دار ICON BOOKS 2000، في قسم عنوانه :"السياسة عند جون لوك" في الصفحة 53 منه الآتي: " الأمير، أو أي فرد شخص، وارث فرد، عندما يستخدم سلطته بطريقة تعسّفيّة، بدون موافقة الشّعب، عندئذٍ يكون من حقّ الشّعب الدّفاع عن نفسه، ويكون في ذلك تبرير للتمرّد لمواجهة الاستخدام التعسّفي أو الاستبدادي لسلطة الحاكم".

وفي مقاربة بسيطة للوضع في لبنان، ولا سيّما بعد اتّفاق الطّائف الذي جعل من الوزير رئيسًا في وزارته تحت ذريعة توزيع السلطات بالتّساوي على المجموعات الحضاريّة اللّبنانيّة، يتبيّن لنا أنّ الحكّام الذين تعاقبوا على السلطة طيلة العقود الثلاثة المنصرمة، قد استخدموا سلطتهم بتعسّف مستغلّين تفويض الشّعب لهم، ومنحه وكالة تمثيله أمام السلطات الثلاث: التنفيذيّة والتّشريعيّة والقضائيّة. فعاثوا فسادًا في صلب هذه السلطات حتّى باتت إمارات خاصّة لهم.

من هذا المنطلق، الثورة اللّبنانيّة هي حقّ مشروع طالما أنّ الساسة الكرام لم يرتدعوا عن ممارساتهم الشائبة بحقّ الشعب، فيبقى التمرّد حقًّا مشروعًا، والثّورة هي ثورة الحقّ على الباطل، ولن تموت طالما بقيت فلوله موجودة. والقول إنّ الثورة قد أجهضت وماتت خطأ جسيم، لأنّ هذه التساؤلات لا أجوبة عليها إلى حينه.

- هل توقّف الهدر في الدّوائر العامّة والوزارات؟

- هل انتظم سير المؤسّسات في الدّولة؟

- هل تمّ استرجاع الأموال المنهوبة؟

- هل حُلَّتِ الأزمة الاقتصاديّة وألغيت إزدواجيّة العملة في لبنان وعادت الليرة لتقول كلمتها؟

- هل عاد المغتربون الذين تغرّبوا قسرًا ليستثمروا في لبنان؟

- هل أصدر القضاء اللّبناني الذي نجلّه ونحترمه، أيّ حكم بحقّ أيّ مسؤول، أو مدير عام، أو نائب، أو وزير، أو رئيس جمهوريّة بتهمة إساءة استخدام السلطة والمال العام؟

- هل تمّ تطبيق القرارات الأمميّة كاملة؟

- هل تمّ تطبيق اتّفاق الطّائف، لا سيّما في ما يتعلّق بحلّ الميليشيات المسلّحة وإلغاء الطائفيّة السياسيّة وإعادة التّقسيم الإداري على هذه القاعدة؟

- أين اللامركزيّة الاداريّة؟

- هل قانون الانتخاب الحالي منصف وعادل لجميع المجموعات الحضاريّة؟ ألم تشطب أو تسلخ قرى ومناطق وأقضية عن بكرة أبيها إرضاء لبعض الزّعامات؟

- ألم يحن الأوان لإقرار الدّولة المدنيّة الدّستوريّة على قاعدة المواطنة والمواطنيّة والهويّة اللّبنانيّة فقط لا غير؟

- هل مُنحت الجنسيّة اللّبنانيّة للمغتربين الذين هم من أصول وجذور لبنانيّة؟

- هل عاد لبنان ليلعب ذلك الدّور المجيد الذي عرف به في المؤسسات الأمميّة والعربيّة؟

- أين الكهرباء؟ والمياه؟ والاتّصالات؟ والبنى التحتيّة؟ هل تأمّنت هذه الخدمات بأفضل الأسعار؟

- وضمان الشيخوخة؟ والبطاقة الصحيّة؟ هل بات لكبار السنّ حقّ عيش شيخوختهم بكرامة؟

- والأهمّ الأهمّ، هل صار لدينا كتاب تاريخ يُذكَر فيه الأبطال بتاريخهم النّضالي الذي أبقى لبنان؟ أم ما زال الخلاف بين وطنيّتهم وعمالتهم بحسب نظرة اللّبنانيّين إليهم انطلاقًا من انتماءاتهم الطائفيّة والمذهبيّة؟ هل تمّ تحديث المناهج التّربويّة؟

لذلك كلّه، حقّ التمرّد سيبقى مشروعًا، والثورة باقية حتّى نجد إجابات مقنعة على هذه الأسئلة. وغير ذلك لا ينفع أيّ كلام. وعمر الثورات لا يقاس بالسنين بل بالانجازات، والثورة اللّبنانيّة ما زالت فتيّة ولن تصبح هرمة إلا بعد تحقيق هذه الانجازات. وإلا فلنبحث عن وطن لثورتنا وليس عن ثورة لوطننا !


MISS 3