الأفكار في رأسك تجعلك تتألّم

02 : 00

يبدو أن تضارب الأفكار في عقلك لن يسبب لك ألماً في الرأس بكل بساطة، بل إنه مسؤول أيضاً عن ظهور ألم جسدي في عنقك وظهرك. إنه الاستنتاج الذي توصلت إليه دراسة جديدة طلبت من المتطوعين أن يحملوا صناديق خفيفة بعد إخبارهم بأنهم سيقومون بمهمة مزعجة.

جمع باحثون من جامعة ولاية أوهايو وجامعة ميشيغن في الولايات المتحدة ملاحظات لافتة حول هؤلاء المتطوعين بعد إبلاغهم بأنهم نفذوا المهمّة بطريقة شائبة. زادت الأعباء النفسية التي رافقت هذه التجربة مستوى الضغط على عنقهم وأسفل ظهرهم.

قد تكون هذه الدراسة صغيرة، لكنها تؤثر على سلامة الموظفين في أماكن العمل، إذ يُفترض أن يدرك المعنيون أن الضغوطات النفسية والاجتماعية، لا سيما التنافر المعرفي، قد تؤذي الصحة الجسدية.

الألم خليط قوي من الضغوطات الجسدية والاجتماعية والنفسية، ما يعني أنه قد يظهر على شكل إجهاد جسدي يترافق مع أعباء مالية وأمراض نفسية. حتى الكلمات التي يستعملها الطبيب لوصف ألم أسفل الظهر قد تؤثر على توقعات المريض بالتعافي.

في دراسة أجراها العلماء في المختبر، طُلِب من 17 متطوعاً أن ينقلوا صندوقاً خفيفاً إلى مواقع محددة تزامناً مع وضع أجهزة لاستشعار الحركة بهدف قياس الوزن الذي يتحمّله العمود الفقري والظهر.

في مرحلة التدرّب على المهام، قيل للمشاركين إنهم يتحركون بالشكل المناسب لحماية ظهرهم. لكن أصبح التقييم أكثر سلبية لاحقاً، فقيل للمتطوعين إنهم ينفذون المهمّة بطريقة غير مُرضِية.

عند مقارنة علامات انزعاج المشاركين بمستوى الضغط الميكانيكي على عمودهم الفقري، اكتشف الباحثون أن حجم الأعباء الجسدية زاد بنسبة تتراوح بين 10 و20% عندما شعر الناس بالضيق بسبب التعليقات السلبية، مقارنةً بما حصل حين شعروا بقوتهم في بداية المهمة. بعبارة أخرى، قد تترافق الضغوطات النفسية والاجتماعية المتكررة مع إجهاد متزايد للعمود الفقري، ما يؤدي إلى ظهور الألم، مع أن هذا الجانب يحتاج إلى اختبارات إضافية.

في غضون ذلك، زاد الضغط على أسفل الظهر أيضاً، لكن بدرجة خفيفة. كانت علامات الانزعاج عبارة عن خليط من المعايير الفيزيولوجية التي تُسبب الإجهاد، بما في ذلك تغيّر إيقاع ضربات القلب وضغط الدم، واستطلاعات عن مشاعر المشاركين (الإلهام والقوة، أو العار والضيق).

على كل من يستطيع التحرك بلا رادع أن يتذكّر أن ألم أسفل الظهر ليس وضعاً بسيطاً، بل إنه أول سبب للعيش مع إعاقة معيّنة طوال سنوات حول العالم.

يكشف تحليل جديد لبيانات امتدت على ثلاثة عقود أن 620 مليون شخص حول العالم أصيبوا بألم في أسفل الظهر في العام 2020، فتأثرت قدرتهم على العمل، أو التحرك، أو السفر، أو الاعتناء بأنفسهم أو بالآخرين. من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 800 مليون شخص بحلول العام 2050، ويكشف عدد الإصابات المتزايد أن العلاجات التقليدية غير فاعلة، لا سيما الأدوية الأفيونية المُسببة للإدمان.

تتسارع الأبحاث المرتبطة بالألم اليوم لاكتشاف نقطة بداية الوجع المزمن، وفهم سبب استمراره، واكتشاف أفضل الطرق لتخفيف حدّته.

يبدو أن فهم الأبعاد النفسية والاجتماعية للألم سيكون بالغ الأهمية، فقد اكتشفت الدراسات أن إضافة العلاج النفسي إلى العلاجات الجسدية قد تكون أساسية للتغلب على ألم الظهر المزمن. سمحت تجارب على نماذج شاملة من الرعاية، بما في ذلك العلاج الجماعي، بتخفيف استعمال المواد الأفيونية من دون تفاقم الألم.

تأتي هذه الدراسة الأخيرة لتضيف بُعداً جديداً إلى الأبحاث المتزايدة عن هذا الموضوع. باختصار، لا يمكن تخفيف المشكلة إلا عبر فهم العوامل التي تزيد الألم سوءاً.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة «إيرغونوميكس».


MISS 3