مذنب جديد وراء «الزهايمر»

02 : 00

يكشف تحليل جديد لأنسجة دماغية بشرية اختلافات في سلوك الخلايا المناعية في أدمغة المصابين بالزهايمر مقارنةً بأدمغة أشخاص أصحّاء، ما قد يُمهّد لابتكار علاج جديد للمرض. 

اكتشف الباحثون في جامعة واشنطن أن الخلايا الدبقية الصغيرة في أدمغة مرضى الزهايمر تمرّ في حالة ما قبل الالتهاب مراراً، ما يجعلها أقل قدرة على حماية الجسم.

الخلايا الدبقية الصغيرة هي نوع من الخلايا المناعية التي تشارك في حماية صحة الدماغ عبر التخلص من المخلفات والحفاظ على وظيفة الدماغ الطبيعية. رداً على أي عدوى أو لإزالة الخلايا الميتة، قد يتراجع طول هذه العناصر البارعة ثم تنشط لابتلاع المواد الدخيلة والمخلفات. هي مُعدّة أيضاً لتعديل نقاط الاشتباك العصبي خلال مرحلة النمو، ما يُسهّل رسم معالم الدوائر في الدماغ وتحسين عملها.

لم يكن دور الخلايا الدبقية الصغيرة مؤكداً في مرض الزهايمر، لكنّ جزءاً منها يتجاوب بقوة مفرطة وقد يُسبب التهاباً يُمهّد لموت خلايا الدماغ عند الإصابة بهذا النوع من أمراض التنكس العصبي. لم يسبق أن توصلت التجارب العيادية التي استكشفت أدوية يأخذها مرضى الزهايمر لمحاربة الالتهاب إلى أي نتائج بارزة للأسف.

للتعمّق في دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مرض الزهايمر، تعاون عالِما الأعصاب كيفن غرين وكاثرين بريتر من جامعة واشنطن مع زملاء آخرين في معاهد أميركية متنوعة، واستعملوا عينات مشتقة من تشريح أدمغة متبرعين مشاركين في البحث لدراسة النشاط الجيني للخلايا الدبقية الصغيرة. كان 12 شخصاً من المشاركين مصابين بالزهايمر، وشملت المجموعة المرجعية السليمة 10 أشخاص.

استعمل الباحثون طريقة جديدة لتحسين تسلسل الحمض النووي الريبي أحادي النواة، فتمكنوا من رصد عشر كتل مختلفة من الخلايا الدبقية الصغيرة انطلاقاً من مجموعة استثنائية من التعبير الجيني الذي يُبلِغ الخلايا بما يجب فعله.

لم يسبق أن رصد العلماء ثلاث كتل منها، وكانت كتلة أخرى أكثر شيوعاً لدى المصابين بالزهايمر. هذا النوع من الخلايا الدبقية الصغيرة ينشّط الجينات المرتبطة بالالتهابات وموت الخلايا.

بشكل عام، اكتشف الباحثون أن كتل الخلايا الدبقية الصغيرة في أدمغة مرضى الزهايمر كانت أكثر عرضة للمرور بحالة ما قبل الالتهاب، ما يعني أنها أكثر ميلاً إلى إنتاج جزيئات التهابية قادرة على إحداث أضرار في الخلايا الدماغية وتسهيل تطوّر مرض الزهايمر.

كانت أنواع الخلايا الدبقية الصغيرة في أدمغة المصابين بالزهايمر أقل ميلاً إلى حماية الجسم، فقد تراجعت قدرتها على تفعيل دورها للتخلص من الخلايا الميتة والمخلفات وضمان شيخوخة صحية للدماغ.

يظنّ العلماء أيضاً أن الخلايا الدبقية الصغيرة قد تُغيّر نوعيتها مع مرور الوقت. لا يمكن أن نراقب دماغ الفرد إذاً ونؤكد نوع الخلايا التي يحملها، بل يسمح تعقب مسار تغيّر الخلايا الدبقية الصغيرة مع التقدم في السن بفهم تأثيرها على نشوء مرض الزهايمر.

توضح بريتر: «حتى هذه المرحلة، لا يمكننا أن نتأكد من تأثير الخلايا الدبقية الصغيرة على ظهور المرض أو دور الزهايمر في تغيير سلوك تلك الخلايا».

لا يزال هذا البحث في مراحله الأولى، لكنه يُحسّن طريقة فهمنا دور تلك الخلايا في نشوء الزهايمر ويشير إلى احتمال أن تُمهّد أنواع معينة من كتل الخلايا الدبقية الصغيرة لابتكار علاجات جديدة. يأمل الباحثون في أن تضمن دراستهم تطوير علاجات جديدة لتحسين حياة مرضى الزهايمر.

في النهاية، تستنتج بريتر: «الآن وقد حددنا المواصفات الجينية لهذه الخلايا الدبقية الصغيرة، يمكننا أن نحاول استكشاف ما تفعله ونعرف الطرق التي تسمح بتغيير سلوكها وتسهيل نشوء الزهايمر. إذا نجحنا في معرفة ما تفعله تلك الخلايا، قد نتمكن من تغيير سلوكها عبر علاجات قادرة على تجنب هذا المرض أو إبطاء مساره».

نُشِرت نتائج الدراسة في مجلة «ناتشر إيجينغ».


MISS 3