ريتا ابراهيم فريد

"دعمونة" لدعم مرضى الكلى...نريد فقط أن نعيش!

6 تموز 2023

02 : 05

من معاناة طويلة وتجربة شخصية مع المرض، يستمرّ مؤسّس جمعية «نحنا الدوا لدعم مرضى الكلى» ريشار زغيب في نضاله لهذه القضية الإنسانية. هو الذي اختبر الألم والمرض وأجرى علاج غسيل الكلى لسنوات. ورغم أنه زرع كلية، إلا أنه لا يزال كما حال معظم المرضى الذين يعيشون في قلقٍ دائمٍ لتأمين أدويتهم أو تكلفة جلسات العلاج. ومن ضمن النشاطات التي تقوم بها الجمعية، أطلقت الأسبوع الماضي حملة تحمل اسم «دعمونة»، بهدف المساعدة قدر الإمكان في تقديم الدعم لمرضى الكلى وسط الأزمة الإقتصادية في لبنان.



من مبادرة صغيرة عبر موقع «فيسبوك» مع بداية الأزمة الاقتصادية، تطوّر الأمر وتحوّلت المجموعة اليوم الى جمعية متخصّصة بدعم مرضى الكلى. وفي هذا الإطار، يشير ريشار زغيب في حديث لـ»نداء الوطن» الى أنّه أطلق الحملة الأولى في العام 2019 قبل انتفاضة «17 تشرين» بحوالي شهر. وكان الأمر في البداية عبارة عن Group عبر موقع «فيسبوك» حاول من خلاله تقديم المساعدة لمن يحتاج، عبر خلق صلة تواصل بينهم وبين المتبرّعين.

حينها لم تكن أزمة الدواء قد ظهرت بعد. لكنّه كان على يقين بأنّها ستظهر عاجلاً أم آجلاً، يؤكّد زغيب. فأطلق مبادرة لتأمين الدواء بالتزامن مع الحصص الغذائية والحليب والحفاضات، داعياً الجميع للتبرّع بالأدوية الموجودة في منازلهم والتي لا يحتاجون إليها. ويضيف: «في البداية أطلقنا المجموعة تحت اسم Let’s Help Lebanon. وبعد انضمام عدد من المتطوّعين، اتّخذنا اسم «نحنا الدوا» وسجّلنا الجمعية في وزارة الصحة. وبات التركيز الأكبر على الأدوية، خصوصاً لمرضى الكلى، وذلك بعدما لاحظنا شبه غيابٍ للجمعيات التي تُعنى بهم في لبنان».



مونة شغل بيت لدعم مرضى الكلى



مونة شغل بيت خالية من المواد الحافظة

هذه الحملة التي يجمع اسمها بين كلمتي «دعم» و»مونة»، تهدف بشكلٍ أساسي الى تقديم المساعدة للسيدات وكبار السنّ الذين يتقنون تحضير المونة في منازلهم، خصوصاً الذين يعيشون في القرى ويحتاجون الى عمل. بدورها، تعمل الجمعية على تسويق المنتجات التي يحضّرونها من جهة، وتستفيد بنسبة قليلة من الأرباح من جهة أخرى، كي تدعم مرضى الكلى وتتمكّن من الإستمرار.

وعن سبب اختيارهم المونة بالتحديد لهذه الحملة، يشير ريشار الى أنّ الناس بمعظمهم يفضّلون شراء مونة «شغل بيت» على تلك التي تنتجها المصانع. فهم بشكلٍ عام يطمئنون إليها لأنّها خالية من المواد الحافظة. ويضيف أنّ الجمعية ترحّب بكلّ من يتقن تحضير المونة للمشاركة في هذه الحملة، على أن تكون المنتجات محضّرة بأسلوب صحيح ويراعي معايير النظافة، مع نكهة مميزة.

لكن ماذا عن الأسعار؟ يؤكّد ريشار أنّ الأسعار مقبولة، حتى لو كانت أعلى قليلاً من أسعار منتجات المصانع. فالهدف إنساني، وريعها يعود لتقديم الدعم للجمعية ولمرضى الكلى. ويقول: «نحن نعمل باللحم الحيّ. والجمعية ليس لديها أيّ تمويل باستثناء هذه الحملات والمبادرات التي نطلقها».



ريشار زغيب مؤسّس الجمعية


توفّوا بسبب غياب العلاج

إضافة الى تأمين الأدوية، تجدر الإشارة الى أنّ عدداً كبيراً من المرضى يزورون مركز جمعية «نحنا الدوا لدعم مرضى الكلى» الذي يقدّم خدمات صحية مختلفة تتضمّن حسومات على تحاليل مخبرية، أو معاينات مع اختصاصية تغذية بتكلفة مقبولة. هذا ويوضح ريشار أنّ هناك عيادة مجهّزة داخل المركز، وكان الهدف منها تقديم معاينات صحية مقابل بدل رمزي يعود قسم منه لدعم الجمعية، بحيث تكون أشبه بمستوصف صغير.

ومن خلال تواصله المباشر مع المرضى، أشار الى أنّ هناك الكثير من القصص المحزنة التي يسمعونها يومياً، ويقول: «أنا أحارب بشكل خاص من أجل مرضى الكلى. فمن بين الأشخاص الذين أعرفهم، توفّي في الفترة الأخيرة حوالي 18 مريضاً إما بسبب عدم عثورهم على الدواء، أو لأنهم لم يتلقّوا علاج غسيل الكلى».

كما تطرّق بتأثّر الى قصة حزينة جداً لأحد المرضى، وقال: «منذ حوالي ثلاثة أسابيع، اتصلت بي ابنة أحد المرضى، فأخبرتني أنّها تريد التبرّع بعلبتي دواء للجمعية، وذلك بعد وفاة والدها، الذي تبيّن أنّه لم يقوَ على رؤية أولاده يسعون بكل الطرق للاستدانة من أجل تأمين كلفة جلسات الغسيل وثمن الأدوية. فكان يوهمهم بأنّه ذاهب الى جلسة الغسيل، لكنه لا يذهب. ويطمئنهم إلى أنّ لديه أدوية كافية، لكنه فعلياً لم يكن يتناولها. وفضّل أن يموت على أن يرى أولاده بهذه الحالة. بالفعل «لهون وصلنا!».

3500 مشروع شهيد

في ظلّ معاناة مرضى الكلى بين رفع تكلفة العلاج، والأدوية غير الموجودة، وتلك التي رُفع الدعم عنها، يطلق ريشار عبر «نداء الوطن» صرخة للمسؤولين في لبنان، لعلّهم يسمعون، ويقول: «نحن لا نطلب منهم شيئاً. نريد فقط أن نعيش! هناك 3500 مريض كلى في لبنان، هؤلاء يشكّلون 3500 مشروع شهيد، وأنا منهم. نحن نعاني من مرض مزمن لا يمكننا أن نشفى منه. وحين نتوقف عن تناول أدويتنا أو عن تلقي العلاج، نحن بالتأكيد سنموت. ورغم كل ذلك: «ما حدا عم يتطلع فينا».




لوغو الحملة


MISS 3