ستيفاني غصيبه

"المهرجان اللبناني للكتاب" في يومه السابع... نبيل أبو مراد يُعيد الإيقاع إلى دفّ الشحرور

نبيل أبو مراد أثناء توقيع كتابه (تصوير رمزي الحاج)

في اليوم السابع من فعاليات «المهرجان اللبناني للكتاب»، غصّ «مسرح الأخوين رحباني» في دير مار الياس أنطلياس، بالحضور للمشاركة في جلستين؛ الأولى لمناقشة كتاب الدكتور نبيل أبو مراد «شحرور الوادي»، والثانية لتكريم الدكتور دياب يونس.



كُرّست الجلسة الأولى لمناقشة كتاب «شحرور الوادي» للدكتور نبيل أبو مراد الصادر عن «دار النهار» (وهو الأول من نوعه)، فانقسمت المداخلات بين الحديث عن أسعد خليل الفغالي المعروف بـ»شحرور الوادي»، وعن عمل أبو مراد في تفصيل مسيرته الغنية. وتولّى إدارة الجلسة الأستاذ قزحيا ساسين، الذي بدأ بشكر الحضور و»الحركة الثقافية»، مرحباً بنبيل أسعد الفغالي ممثّلاً عائلة الشحرور الذي تولّى جمع دواوينه المفقودة ونشرها عام 2000.

وأشار ساسين إلى أنّه «بقلم نبيل أبو مراد، يرف شحرور الوادي إلى الأبد، والقلم رفع له قبّعته، هو الممتلئ حبراً»، مضيفاً: «أبو مراد الآتي من بيئة شحرور الوادي جغرافياً وثقافياً، هو خبير محلّف في شؤون الزجل اللبناني».

أمّا عن الشحرور، فقال: «خلّص الزجل من قلّة الوفاء إلى الوزن، متابعاً تأثره بأبيه الزجال خليل سمعان».

من ناحيته، بدأ الدكتور جان توما خطابه بسؤال لأبو مراد: «من كلّفك أن ترمي كلّ هذا الإرث الجمالي أمامنا؟»، مضيفاً: «أعدت الإيقاع إلى دفّ الشحرور، وثبّته رائداً من رواد الزجل الأدبي. همّ الشحرور كان أن يؤسس المنبر الزجلي، هو الذي دعا إلى التمسك بالعادات والتقاليد اللبنانية».

أمّا الشاعر هنري زغيب المتغلغل في الزجل اللبناني، فاختار الكلام بالعربيّة المحكيّة (وليس العاميّة حسبما شرح)، تيمّناً بقاموس الشحرور الواسع، الذي «تكمن عظمته في أنّه الياطر الذي جعل الزجل مهنةً وفنّاً ثابتاً». وبفضل الشحرور، أصبح الزجل حالة شعبية واسعة تردّد صداها ليس في لبنان فحسب بل في العالم العربي أجمع. ودعا إلى أن «يكون الزجل فنّاً يُدرّس في الجامعات والمعاهد، لأنّ الشعلة إن لم تسلّم من جيل إلى جيل، تنطفئ»، لافتاً الى أنّ في كتاب الناقد والباحث والمؤلف في المسرح والأدب نبيل أبو مراد، منهجيّة موضوعيّة فاجأته، تضيء على الضعف في الصياغة كما على القوة.

بعدها، فنّد أبو مراد نفسه، فصول كتابه وأبرز محطات حياة الشحرور، مشيداً «بالنهضة العارمة التي تسبب بها والتي لم تلاقِ الاهتمام الكافي»، مشجّعاً طلاب الدكتوراه على التطرق بأطروحاتهم إلى الزجل والمسرح القديم. وانتهت الجلسة في جناح «دار النهار» حيث وقّع أبو مراد كتابه للراغبين.



من اليمين: جورج أبي صالح، دياب يونس، جورج بارود، جورج مغامس (تصوير رمزي الحاج)


...وتكريم دياب يونس «الرجل الذي بنى ما يُهدم الآن»

شارك في هذه الجلسة مجموعة واسعة من تلامذة ومحبّي الدكتور دياب يونس الذي تولّى مهام كثيرة في إدارة الدولة والتعليم. واستهل الكلام تلميذه جورج بارود، معبراً عن مدى تأثره بيونس منذ أن كان أستاذه في الجامعة. وتوجّه اليه قائلاً: «يا معلّمي، لن أبالغ إن اعترفت بتأثيرك الكبير عليّ، كنا وما زلنا نستمد منك القوة والجرأة والتمسك بالقيم»، واصفاً اياه بالنجم الساطع في دنيا الفكر والخطابة والقانون والثقافة، مضيفاً: «هو ملهم وعبقري وقائد. اسمه يختصر كلّ الألقاب، قل دياب يونس وهذا يكفي. دخل علينا في ستينات القرن الماضي كأستاذ في اللغة والآداب، متعهداً أن نحبها وأن نصبح فقهاء فيها، إذ أن شغفه نحت العبارة قولاً وكتابةً». واقتبس عن دياب قوله: «العمل في الإدارة العامة يقوم على ثالوث أقدس: التقيد بالدوام، ونظافة الكف والإنتاجية».

أمّا جورج مغامس، تلميذه الثاني، فصنّف نفسه من «عصافير بيادره، وحكماً جزماً من الخلّص والأوفياء»، مضيفاً: «من مثلك يقتدى به مثلاً ومثالاً، من منّا يعرف عنك زلّة أو يحفظ هفوة، ومتى يبلغ البنيان تمامه إذا كنت أنت تبنيه وغيرك يهدمه».

كذلك، اعتلى المنبر شخصيات تأثّرت بنهج دياب وأشادت فيه، أبرزهم الوزير السابق ناجي البستاني، الدكتور ساسين عساف، الأستاذ أنطوان بربر مراد والدكتور عصام خليفة.

وافتتح المكرّم كلمته ببيت شعريّ: «قل للذي أمضى السنين مفاخراً/ يا صاحي ليس السر في السنوات، لكنّه في المرء كيف يعيشها/ في يقظة أو في عميق سبات»، ليؤكّد: «سلوني عن عمر قضيته في ثبات لا سبات، عن وطن أسكنه ويسكنني، عن قلم أفرغه فيملؤني، عن علم أرفعه ليرفعني».

وعرض دياب أبرز محطات حياته في الجامعة اللبنانية وإدارة المناقصات ومحافظة البقاع، مستنداً إلى أقوال ومقالات عنه، مشدداً على نزاهته وعدم انحنائه لأي ضغوطات، واصفاً نفسه بـ»ابن الشدائد» وبلدته تنورين بـ «الجذور ونهر الكرامة وأرض الحرية»، خاتماً: «ما خضت حرباً لأبني زعامة أو أجمع ثروة أو أشتري لقباً. هذا هو العمر في ثبات قضية. العمر هو وقفة وموقف، هو تركك في الدنيا دويّاً، هو شمخة جبين».

ولمّا سألناه عن المفتاح لإعادة بناء الدولة ومؤسّساتها، خصوصاً التي ساهم في تطويرها وتحسينها، أكّد دياب لـ «نداء الوطن» أنّ «الأساس في بناء الدولة من جديد، هو أن يكون المفتاح في يدنا، وطالما أنّ المفتاح ليس معنا، لن يحصل شيء، لن نتطور ولن نتحسّن ولن نغيّر».

وأردف: «من الرؤساء الكبار والصغار، إلى عمّال التنظيفات، ليسوا نزيهين، وكلّ له زبائنية. والزبائنية بالنسبة إليهم هي الثالوث الأقدس، فلا يتخلّون عن زبائنهم ولا الزبائن يتخلّون عن آلهتهم».