"وجبات الغش" المتقطعة تؤثّر على طريقة عمل دماغك

02 : 00

يدرك الجميع أهمية الأكل الصحي، لكن لا ضير من التلذذ بوجبات غير صحية في عطلة نهاية الأسبوع برأي البعض.



وفق دراسة أجراها باحثون من جامعة «نيو ساوث ويلز» في أستراليا، يبدو أن النمط الغذائي الذي يرتكز على الأكل «النظيف»، لكنه يشمل أحياناً «وجبات غش» مؤلفة من مأكولات سريعة، لا يزيد الوزن فحسب بل يؤثر أيضاً على عمل الدماغ وصحة الأمعاء لدى القوارض.

تلقّت الجرذان في الدراسة الجديدة حمية صحية في معظمها، لكن تخلّلتها وجبات غنية بالسكر والدهون المشبعة من وقتٍ لآخر، ما أدى إلى تغيّر الجراثيم المعوية ونشوء اختلالات معرفية ملحوظة، لا سيما في اختبارات الذاكرة المكانية.

توضح عالِمة الأعصاب، مارغريت موريس، من جامعة «نيو ساوث ويلز»: «نحن نعتبر هذا النوع من الأبحاث ضرورياً لدفعنا إلى الحفاظ على صحة أدمغتنا مع التقدم في السن».

تلقّت المجموعات التجريبية وجبات غير صحية بشكلٍ متلاحق أو ضمن «دورات» تختلف مدتها خلال العدد نفسه من الأيام. قبل الدورات الغذائية وبعدها، اختبر الباحثون الذاكرة قصيرة الأمد لدى الجرذان وقيّموا البيئة الميكروبية في برازها. حتى أنهم حللوا هذه المعايير قبل التجربة وبعدها وتابعوا مراقبة الكمية التي تستهلكها الجرذان في كل وجبة غذائية.

بدت البيئة الميكروبية في أمعاء الجرذان التي تلقّت حمية سيئة أقل تنوعاً، بغض النظر عن مدة تلك الحمية، وزادت الجراثيم المرتبطة بالبدانة مقابل تراجع الجراثيم المفيدة التي تُسهّل السيطرة على الوزن. وعندما طالت مدة تلقي الحمية السيئة، زادت تلك التغيرات سوءاً. كذلك، زادت حدّة الاختلال المعرفي مع مرور الوقت، فقدمت الجرذان التي تلقّت حمية غير صحية لأيام عدة أسوأ أداء في اختبارات الذاكرة التي تتطلب تذكّر مكان الأغراض.

يقول مايك كينديغ، عالِم طب سابق في جامعة «نيو ساوث ويلز»: «تكشف تحليلاتنا أن مستويات جرثومتَين ترتبط بنطاق اختلال الذاكرة، ما يشير إلى وجود رابط بين تأثير الدورة الغذائية على القدرات المعرفية والبيئة الميكروبية».

لم يكن مفاجئاً أن يزيد وزن الجرذان التي استهلكت حمية غنية بالدهون والسكر لفترة طويلة أكثر من القوارض في المجموعة المرجعية. لكن يبدو أن مدة الدورات الغذائية السيئة لم تؤثر على اكتساب الوزن مباشرةً. يعني ذلك أن الآثار المستجدة على مستوى صحة الأمعاء والذاكرة قد لا ترتبط باكتساب الوزن الذي ينجم في العادة عن الحميات غير الصحية.

توضح موريس: «نعرف أن الحمية التي تزيد الالتهاب لدى البشر تكون أقل منفعة لوظيفة الدماغ، وقد أثبتنا في الماضي أن هذه الاختلالات المعرفية ترتبط بوجود التهاب في الدماغ لدى الجرذان».

قد تؤثر الحمية الغذائية على القدرات المعرفية مباشرةً نتيجة التهاب الدماغ والتغيرات البنيوية، أو بطريقة غير مباشرة عبر البيئة الميكروبية في الأمعاء. تضاف هذه النتائج إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تربط صحة الأمعاء والحمية بصحة الدماغ.

تضيف موريس: «ثمة ترابط عميق بين الأمعاء والدماغ. لهذا السبب، قد تؤثر أي تغيرات في البيئة الميكروبية بسبب طبيعة الحمية الغذائية على دماغنا وسلوكنا». قد لا يحبذ الكثيرون هذه الاستنتاجات، لكن يشدد العلماء على حصد منافع متزايدة على مستوى الأمعاء وصحة الدماغ من خلال الالتزام بنظام غذائي صحي لأطول فترة ممكنة.

تذكر دراسات أخرى أن التغذية المناسبة تُخفّض خطر الإصابة بالأمراض وقد تضيف سنوات إلى عمرنا. من المفيد إذاً أن ننتقل من الوجبات الغنية بالدهون والسكر إلى خيارات صحية.

في النهاية، تستنتج موريس: «إذا تمكنا من الالتزام بحمية صحية، مثل الحمية المتوسطية المعروفة بتنوعها وقلة الدهون المشبعة وغناها بالفاكهة، والخضار، والبروتينات المفيدة، ستتحسّن فرصة احتفاظنا بقدراتنا المعرفية».

نُشِرت نتائج الدراسة في مجلة «التغذية الجزيئية والأبحاث الغذائية».


MISS 3