دور للجمجمة في صحّة دماغك

02 : 00

تطلق خلايا النخاع العظمي في الجمجمة استجابة خاصة تجاه الأمراض، ما يعني أن الجمجمة قد تكون طريقة فاعلة لمراقبة الالتهاب في الدماغ ومعالجته. واستكشف باحثون من ألمانيا والمملكة المتحدة هذه الاستجابة، وهم يقترحون استعمال النتائج التي توصلوا إليها كتقنية غير غازية لتصوير الجمجمة.

يقول عالِم الأعصاب علي إيرتورك من جامعة «ميونخ» في ألمانيا: «هذا الاكتشاف يطرح مجموعة هائلة من الخيارات لتشخيص الأمراض الدماغية ومعالجتها، وقد يُحدِث ثورة في طريقة فهمنا للأمراض العصبية. قد يُمهّد هذا الإنجاز لمراقبة حالات مثل الزهايمر والجلطات الدماغية، حتى أنه قد يسمح بالوقاية من تلك الأمراض عبر تسهيل تشخيصها في مرحلة مبكرة».

اكتشف العلماء حديثاً مسارات تبدأ من النخاع العظمي للجمجمة وتصل إلى السطح الخارجي للدماغ حيث تقع السحايا، وهي تسمح بتحرك الخلايا المناعية وتتحدى الفرضية المرتبطة بغياب أي تبادل مباشر بين الجمجمة والدماغ.

من المعروف أن الخلايا المناعية تدخل الدماغ بعد إضعاف الحاجز الفاصل بين الدم والدماغ بسبب مشاكل مثل الجلطات الدماغية، لكن لم تكن طريقة دخول تلك الخلايا إلى الطبقات الدماغية عن طريق الجمجمة ووتيرة اختراقها للدماغ بهذه الطريقة واضحة في السابق.

في التجارب الرامية إلى رؤية عينات من الدماغ البشري، والسحايا، والجمجمة، استعمل الباحثون تقنية تطهير الأنسجة إلى جانب تقنية التصوير ثلاثية الأبعاد.

تعني تقنية تطهير الأنسجة معالجة الأنسجة البيولوجية لجعلها شفافة. سمحت هذه العملية بمرور الضوء عبر فحص مجهري لأنسجة المخ والجمجمة.

راقب الباحثون الهندسة الخلوية لروابط الجمجمة والسحايا التي تمتد على مسافة قريبة من سطح الدماغ وغالباً ما تخترق الغشاء السحائي الخارجي والأكثر صلابة المعروف باسم «الأم الجافية».

تقول إلغين كولاباس، أخصائية في علم المناعة العصبي من جامعة «ميونخ»: «تترافق هذه النتائج مع تداعيات عميقة، فهي تشير إلى وجود رابط أكثر تعقيداً بكثير مما كنا نظن بين الجمجمة والدماغ».

على صعيد آخر، حللت كولاباس وفريقها خلايا مأخوذة من ست عظام مختلفة ومن الأم الجافية والدماغ، واكتشفوا أن مختلف العظام تحمل مواصفات جزيئية مختلفة، وتشمل الجمجمة خلايا مناعية فريدة من نوعها.

مجدداً، كشفت التحليلات البروتينية لعينات بشرية من الجمجمة والعمود الفقري وعظام الحوض بعد الوفاة مواصفات جزيئية استثنائية في الجمجمة. شملت قبة القحف، التي تشكّل جزءاً من أعلى الجمجمة، أكبر عدد من الجينات المختلفة والمستقبلات الخلوية، وكانت ترتبط في معظمها بهجرة الخلايا والالتهابات.

اكتشف الباحثون أيضاً أن الجمجمة لدى البشر والفئران معاً تحتوي على خلايا متعادلة ومتخصصة، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تلعب دوراً أساسياً في الدفاع المناعي داخل الجسم.

استعمل العلماء تقنية التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني ورصدوا تغيرات في إشارات الجمجمة، وكانت مشابهة لتلك الموجودة في أدمغة البشر المصابين بمرض الزهايمر والجلطات الدماغية. حتى أنهم لاحظوا زيادة في إشارات البروتين المُترجِم لأمراض محددة في مقاطع مختلفة من الجمجمة عند الإصابة بعدد من الأمراض العصبية.

يظن العلماء أن اكتشافاتهم الجديدة بشأن الاستجابة المناعية في الجمجمة تشير إلى احتمال رصد التهاب دماغي عبر تقنية مختلفة عن مسح جمجمة المريض.

يوضح إيرتورك: «يمكن إتمام هذه العملية عبر استعمال أجهزة محمولة وقابلة للارتداء، ما يضمن طريقة عملية وأكثر سهولة لمراقبة صحة الدماغ».

تتعدد أنواع الاضطرابات العصبية التي تصيب ملايين الناس حول العالم، أبرزها الزهايمر، والجلطات الدماغية، والتصلب المتعدد.

في النهاية، يستنتج الباحثون: «عند الإصابة بهذه الأمراض البشرية المتنوعة، يكشف تحليلنا المفصّل لالتهاب الجمجمة أن استعمال التقنية الجديدة ممكن لتشخيص الأمراض أو مراقبتها مستقبلاً، لكن لا بد من إجراء دراسات مفصلة أخرى لاستكشاف منافعها العيادية».

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة «سيل».


MISS 3