سمكة مدهشة ومتغيّرة الألوان "تشاهد" محيطها عبر جلدها

02 : 00

وكأن تغيير اللون ليس مبهراً بما يكفي! يبدو أن سمك الخنزير يستطيع «رؤية» محيطه عبر جلده أيضاً. تكشف دراسة أميركية جديدة أن هذا الشكل الغريب من التخيّل يسمح لسمك المرجان بتحديد ألوانه.



تقول عالِمة الأحياء لوري شويكرت من جامعة «نورث كارولينا»: «يبدو أن هذا السمك يشاهد عملية تغيّر لونه. لكن كيف يستطيع أحد أن يتأكد من شكله إذا كان يعجز عن ثني عنقه ولا يملك مرآة أمامه؟».

يعتبر البشر اختيار الألوان جزءاً من الموضة. لكن بالنسبة إلى سمك الخنزير الذي يواجه تهديداً دائماً بالتعرض للافتراس من جميع الاتجاهات، يكون تحديد اللون الذاتي لجعله متماشياً مع خلفية المكان مسألة حياة أو موت.

تتحول الأسماك من أنثى إلى ذكر بحلول السنة الثالثة تقريباً، فيجمع كل فرد منها مجموعة من الإناث الشابة للتزاوج معها وحمايتها. قد يستفيد السمك من مهارة تغيير لون الجلد في هذا المجال أيضاً، فيجذب الشركاء المحتملين ويهدد الخصوم.

لإتمام هذه العملية، يتكل سمك الخنزير على مادة صبغية مليئة بخلايا اسمها «كروماتوفور»، كما تفعل حيوانات أخرى تستعمل لون البشرة الحيوي، بدءاً من الأخطبوط وصولاً إلى الحرباء.

تتجمع الأصباغ داخل هذه الخلايا بالقرب من بعضها البعض للسماح للحم الأبيض تحتها بالسطوع. لكن حين تتناثر خلطات متنوعة من الأصباغ الحمراء أو الصفراء أو السوداء، تتغير ألوان وأشكال الخلايا السطحية.

تكشف أبحاث على أسماك البلطي النيلي مثلاً أن جزيئات حساسة تجاه الضوء اسمها «أوبسين» قد تؤثر على لون خلايا الكروماتوفور. لهذا السبب، حللت شويكرت وفريقها عينات من جلد سمك الخنزير عبر استعمال تقنية تصنيف البروتينات والتصوير بالمجهر الإلكتروني النافذ.

ثم تعقّب الباحثون جزيئات الأوبسين وصولاً إلى الخلايا التي تقع تحت كروماتوفور الأسماك مباشرةً. تكون هذه الخلايا التي تنتج الأوبسين وتم اكتشافها حديثاً أكثر حساسية تجاه أطوال موجية قصيرة وزرقاء اللون، وهي تستطيع اختراق خلايا الكروماتوفور. كذلك، تغيّر مستويات الضوء كمية الأوبسين التي يتم إنتاجها.

في المرحلة اللاحقة، تقوم جزيئات الأوبسين على الأرجح بتنظيم مستوى الأصباغ في خلايا الكروماتوفور. تتضح هذه العملية لدى أسماك البلطي النيلي مثلاً، إذ تنظّم كل خلية الخلايا الأخرى رداً على حوافز بيئية معينة. لكن لم يتحدد بعد مستوى تأثير الأوبسين على الكروماتوفور.

يوضح عالِم الأحياء البحري، سونكي جونسن، من جامعة «ديوك»: «تستطيع الحيوانات حرفياً أن تلتقط صورة لجلدها من الداخل. تلك الصورة تخبر الحيوان عن شكل جلده بطريقة ما لأنه يعجز عن الانحناء لرؤية بشرته».

قد تتطلب رؤية الجلد بطريقة مستقلة عملية أقل تعقيداً من الاتكال على العيون، إذ تهدف هذه الآلية بكل بساطة إلى رصد الضوء بدل تشكيل مؤثرات بصرية دماغية معقدة تحتاج إلى التقييم في المرحلة اللاحقة.

في النهاية، يستنتج جونسن: «تُعتبر ردود الأفعال الحسية جزءاً من الحِيَل التي تحاول التكنولوجيا استكشافها حتى الآن. قد تكون هذه الدراسة تحليلاً مفيداً إذاً لنظام جديد هدفه تقييم الردود الحسية».

MISS 3