إلى أي حدّ تُهدّد الكويكبات الأرض والبشر؟

02 : 00

الكويكبات كتل صخرية متبقّية من عملية تشكيل نظامنا الشمسي. يدور حوالى نصف مليار كويكب بأحجام يفوق قطرها الأربعة أمتار حول الشمس، وهي تتجوّل في نظامنا الشمسي بسرعة تصل إلى 30 كيلومتراً في الثانية، وهو معدّل قريب من سرعة الأرض.



تبقى التهديدات التي تطرحها الكويكبات حقيقية. منذ 65 مليون سنة تقريباً، أصبحت الحياة على الأرض مُهدّدة بسبب أثر كويكب ضخم، فقد قضى حينها على معظم الديناصورات.

لكن بعيداً عن العناوين الرنّانة في وسائل الإعلام، إلى أيّ حدّ تُعتبر هذه المخاطر واقعية؟ ما هو عدد الكويكبات التي تصطدم بالأرض، وما هي النسبة القادرة على اختراق كوكبنا؟

يمكن تقدير عدد الكويكبات المرشّحة للاقتراب من كوكب الأرض عبر عملية حسابية بسيطة. في المتوسط، يتقاطع كويكب بحجم أربعة أمتار مع سطح الأرض بمعدل مرة في السنة.

عند مضاعفة مساحة السطح تلك، يرتفع ذلك العدد إلى مرتَين في السنة. يبلغ نصف قطر الأرض 6400 كيلومتر، ويصل نصف قطر الدائرة التي تكون مساحة سطحها ضعف ذلك العدد إلى 9 آلاف كيلومتر. بعبارة أخرى، يصبح كويكب بحجم أربعة أمتار في إطار 2600 كلم من سطح الأرض مرة في السنة تقريباً.

عند مضاعفة مساحة السطح مجدداً، يمكن توقّع حادثتَين من هذا النوع في السنة، في إطار 6400 كلم من سطح الأرض وهكذا دواليك. تتماشى هذه الأرقام مع أحدث السجلات المتعلقة بوصول الكويكبات إلى أقرب مسافة من الأرض.

تُعتبر آلاف الكيلومترات مسافة كبيرة بالنسبة إلى أجسام يقتصر حجمها على بضعة أمتار، لكن تقطع معظم الكويكبات التي تغطيها وسائل الإعلام مسافات أكبر بكثير. يعتبر علماء الفلك أي جسم أقرب من القمر (على بُعد 300 ألف كلم) «قريباً» من الأرض. لكنّ الجسم الذي يعتبره العلماء «قريباً» لا يتماشى مع الفكرة التي يحملها عامة الناس. في العام 2022، اعتُبِر 126 كويكباً قريباً من الأرض، وسجّل العام 2023 خمسين جسماً مشابهاً حتى الآن.

يمكن تطبيق المنطق البسيط نفسه مع الكويكبات الكبيرة التي يفوق قطرها الكيلومتر الواحد. مقابل كل أثر مماثل قد يُهدّد الحضارة ويحصل بمعدل مرة واحدة كل نصف مليون سنة، يمكننا أن نتوقع آلاف الاصطدامات غير المكتملة (تكون أقرب من القمر) خلال الفترة الزمنية نفسها. من المتوقع أن يقع حدث من هذا النوع في العام 2029، حين يقطع الكويكب 153814 (2001 WN5) 248 ألفاً و700 كلم من كوكب الأرض.

كيف يمكن تقييم التهديدات المطروحة وما السبيل للتعامل معها إذاً؟

تشير التقديرات إلى اكتشاف حوالى 95% من الكويكبات التي يفوق حجمها الكيلومتر الواحد حتى الآن، ويستمرّ استكشاف الفضاء بحثاً عن الخمسة في المئة المتبقية. عند اكتشاف كويكب جديد، يدوّن علماء الفلك ملاحظات مفصّلة لتقييم أي تهديد محتمل على كوكب الأرض.

توقّعت تصنيفات «مقياس تورينو» مثلاً أن تظهر تهديدات حقيقية خلال مئة سنة، علماً أن هذا المقياس يتراوح بين صفر (لا وجود لأي مخاطر) و10 (اصطدام متوقّع بجسم ضخم).

في الوقت الراهن، تحمل جميع الأجسام المعروفة تصنيف صفر، ولم يحصد أي جسم معروف حتى الآن تصنيفاً أعلى من 4 (احتكاك قريب يستحق انتباه علماء الفلك).

أخيراً، أحرز عالم التكنولوجيا تقدّماً هائلاً لدرجة أن نتمكن من التحرك إذا واجهنا تهديداً خطيراً وفق «مقياس تورينو». افتعلت مهمّة «دارت» منذ فترة اصطداماً بين مركبة فضائية وكويكب، ما أدّى إلى تغيير مساره. قد يسهم هذا النوع من التحركات مستقبلاً في حماية الأرض من الاصطدامات، شرط أن تكون هذه الخطوة استباقية بما يكفي.



MISS 3