في بضعة أشهر، أثبتت الحكومة الحالية أنها جادة، ملتزمة، وتعمل بمنهجية. فقد وضعت ملفات حساسة كانت لعقود تحت التراب، على طاولة التنفيذ.
القتال في الإسلام ليس عبثًا، وليس أداة للغضب أو الانتقام، بل وسيلة دفاعية تُستخدم عند الضرورة القصوى، ووفق ضوابط دقيقة. الإعداد له يجب أن يكون شاملًا، بدنيًا ونفسيًا وتخطيطيًا، ولكن دائمًا في إطار الدفاع المشروع وليس الهجوم.
البلاد لن تَسْتعيد استقرارها ما لم تبنَ قاعدة دستورية جديدة تقوم على اللامركزية الفدرالية، تضمن فيها لكل مكوّن (درزياً، كردياً، مسيحياً، علوياً، وغيرهم) حقوقه السياسية والثقافية الكاملة دون وصاية.
آن الأوان لوضع حدّ لهذا الإنفلات. فلبنان لن يكون وطناً حراً مستقلاً طالما هناك من يرفع السلاح بوجه مواطنيه، ويُكافأ على ذلك بالصمت المُطبق...
إنّ اللّبننة خيارٌ. كما قد تكون سياسةً، بيد أنّها ليست سياسةً يسهل فرضها. وحتمًا ثمّة بديلٌ أكثر جدّيّةً عنها، عنيتُ الانفصال واحترام خيار الهويّات العابرة للحدود، وهذا ما يستوجب تغيير تصوّرنا كمسيحيّين للبنان من رؤيةٍ استهلاكيّةٍ - محافظةٍ إلى رؤيةٍ تحرّريّةٍ-راديكاليّةٍ.
لو كان لبنان بوضعه الحالي جزيرة في محيط شاسع لترك حتمًا لمصيره باستثناء تأمين ما تتطلبه الحدود الدنيا لتأمين بقاء شعبه على قيد الحياة. سبب اهتمام العالم بنا ليس لقيمة لنا بل لموقعنا الجغرافي وبالتحديد جوارنا إسرائيل وعدم بعدنا عن مراكز الثروات الطبيعية التي تغذي الاقتصاد وحاجات المجتمع الدولي.
اليوم، وقد تولّى الأب الدكتور جوزيف مكرزل رئاسة جامعة الروح القدس – الكسليك، يدخل هذا الموقع الأكاديمي الوطني التاريخي الرفيع بالمقومات ذاتها: العمل بصمت، القيادة بتواضع، وخدمة المعرفة من دون ضجيج. وفي هذا المسار، تتوفّر دروس لا تُدوَّن في المقالات، بل تُترَك أثرًا في مسيرة وطن وضمير أمة.
تُختبر السيادة اللبنانية مرّتين: مرّة أولى عندما تُطلب منها تنازلات باسم الاستقرار، ومرّة ثانية عندما يُسلَّط الضوء على سلاح "حزب الله" كعقبة أمام "السلام". وبين الحالتين، لا تبدو واشنطن مستعدّة للعب دور الضامن، بل فقط منسّق توزيع الأدوار على الطاولة.
متى تتعلّم قياداتنا تلك التي تمتهن سلب الحقوق وممارسة أبشع أنواع الظلم، نعم الظلم الفاقع، بأن شدّ الحبال لا يبقى إلى ما لا نهاية، بل أن سنّة الطبيعة توجِب رخيها لكي تستقيم الأمور لجميع الشركاء في الوطن قاطبةً؟